الجمعة، 6 فبراير 2009

سير الاعلام : تابع : وقفات من حياة عمر بن عبدالعزيز--الجزء الأخير



قاد الأمة فكانت أفعاله توافق أقواله كان ليله قيام وتضرع وبكاء

ونهاره صيام وسكينة وقراءة قرآن . فقد كان يبكي حتى يبكي الدم

من الدموع ويقال أنه بكى فوق سطح حتى سال دمعه من الميزاب .

واشتد عليه المرض ودُعي له الأطباء ووضعوا له الدواء المناسب

لكن الشفاء بيد رب العالمين فقال : والله لو أن دوائي في ان أمس

شحمة أذني او أوتي بطيب فأشمه ما فعلت والله ما أنا بحريص على

الدنيا فقد مللتها ولكني أسأل الله أن يسلم .

استدعى خادماً له فقال له : أسألك بالذي يجمع الناس ليوم لا ريب

فيه أأنت سممتني في الطعام ؟
قال الخادم : إي والله . قال : فكم

أعطوك على ذلك ؟
قال : ألف دينار . قال : اذهب فأنت حرٌ لوجه

الله , والله يحب المحسنين
.

دخل عليه الناس يعودونه فكان كلما عاده أحد قال له : اعف عني ،

عفى الله عنك .

وفي آخر خطبة خطبها عمر بن عبد العزيز من منبر الجامع الكبير

في دمشق قال: إنكم لم تخلقوا عبثاً ولن تتركوا سدى ، وإن لكم معاداً

ينزل الله فيه للفصل بين عباده ، فقد خاب وخسر من خرج من رحمة

الله التي وسعت كل شيء وحرم جنة عرضها السموات والأرض .ألا

ترون أنكم في أسلاب الهالكين ، وسيرثها بعدكم الباقون ، كذلك

حتى ترد إلى خير الوارثين ، وفي كل يوم تشيعون غادياً ورائحاً إلى الله

، قد قضى نحبه ، وانقضى أجله ، فتودعونه وتدعونه في

صدع من الأرض غير موسد ولا ممهد ، قد خلع الأسباب ، وفارق

الأحباب ، وسكن التراب ، وواجه الحساب ، غنياً عما خلف ، فقيراً

إلى ما أسلف ، فاتقوا الله عباد الله قبل نزول الموت وانقضاء مواقيته

، وأني لأقول لكم هذه المقالة وما أعلم عند أحد من الذنوب أكثر مما

أعلم عندي ، ولكن أستغفر الله وأتوب إليه .
ثم رفع طرف ردائه

وبكى حتى شهق ثم نزل فما عاد إلى المنبر بعدها حتى توفي.

وفي ضحى يوم عيد الفطر حلت بعمر سكرات الموت التي لا بد من

حلولها بكل واحد منا فدعى أولاده وكانوا بضعة عشر وكانوا كلهم

صغارا فنظر إليهم بحنان الأبوة وقال لهم : أي بنية , إن أباكم كان

بين أمرين إما أن يغنيكم ويدخل النار أو يفقركم ويدخل الجنة ,

فاختار أن يفقركم ويدخل الجنة لكن وليي الله فيكم الذي نزل الكتاب

وهو يتولى الصالحين إنصرفوا عصمكم الله .


وكان يقول رحمه الله قبل وفاته إذا غسلتموني وكفنتموني

ووضعتموني في لحدي فاكشفوا عن وجهي فإن إبيض فاهنئوا وإن

اسود فويل لي ثم ويل لي
.يقول رجاء بن حيوة : فكنت فيمن غسله

وأدخله في لحده وحللت العقدة من كفنه ثم نظرت إلى وجهه فإذا هو

كالقراطيس بياضاً
, بيض الله وجهه يوم تبيض وجوه وتسود وجوه .

وقد ذكر انه لما كان في خلافته كانت الذئاب لا تعتدي على الأغنام

فلما مات رحمه الله إعتدت الذئاب على الأغنام فعرف أهل البادية أن

رجلاً عادلاً قد مات .

أسال الله أن يجمعنا به في دار القرار , وأن يكثر من أمثاله اللهم

آمين .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Template by:
Free Blog Templates