الجمعة، 4 سبتمبر 2009

سلسلة [وذكّر] :من تفسير القرآن الكريم-١




الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلّم أجمعين
أما بعد،،
إن فضل القرآن الكريم كبيرٌ وعظيم, فهو الذي أخرج به الله - عز وجل - هذه الأمة من الضلالة العمياء, والجاهلية الجهلاء إلى نور الهداية وسبل السلام, هو كلام الله المعجز المنزل, ونهجه القويم, هو رسالة الله, ومعجزته الباهرة, ورحمته الواسعة, وحكمته البالغة, ونعمته السابغة, نهل من معينه العلماء, وخشعت لهيبته النفوس, ورقَّت له القلوب الصادقة, وتعبد بتلاوته العابدون والراكعون والساجدون.
لم ينزل هذا الكتابُ ليقرأ تبركاً فقط، ولا لافتتاح الاحتفالات أو المؤتمرات أو للزينة والزخرفة, أو يحتفظ كل واحد منا بنسخةٍ منه في بيته, أو ليعلق لإبعاد الحسد، ويبقى مركوناً يعلوه الغبار.
بل يجب تدبره والوقوف على معانيه العظيمة ،فالقرآن الكريم لا تنقضي عجائبه وهو معجزة خالدة إلى يوم القيامة.
ومما يعين على تدبر آيات الله قراءة التفسير ،
ونحن هنا بإذن الله في هذه السلسلة سنورد بعض الآيات العظيمة وتفسيرها
بسم الله نبدأ





((
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ( 183) أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ وَأَن تَصُومُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ (184) شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (185) ))



معاني الكلمات:

الصيام :في اللغة:الإمساك عن الشيء،وفي الشرع: الإمساك عن الطعام والشراب والجماع في النهار مع النية.
يطيقونه : يصومونه بعسر ومشقة
فدية: ما يفدي به الإنسان نفسه من مال وغيره.
شهر: من الاشتهار وهو الظهور، شهر الشهر إذا ظهر هلاله.
رمضان : من الرمض وهو شدة الحر، والرمضاء شدة حر الشمس، وسمي رمضان لأنه يرمض بالذنوب أي يحرقها.



التفسير:
ناداهم بلفظ الإيمان ليحرك فيهم مشاعر الطاعة، ويذكي فيهم جذوة الإيمان، فرض عليكم صيام شهر رمضان، كما فرض على الذين من قبلكم، لتكونوا من المتقين لله، المجتنبين لمحارمه، ولما فيه من زكاة للنفوس وتنقيتها من الأخلاط الرديئة والأخلاق الرذيلة وتضييق لمسالك الشيطان، الصيام أيام معدودات وهي أيام قلائل، فلم يفرض عليكم الدهر كله، تخفيفاً ورحمة بكم، فمن كان به مرض أو كان مسافراً ( قدر العلماء المسافة بأكثر من 84 كيلو متر ) ممن كلف بالصيام فعليه قضاء عدة ما أفطر من أيام غيرها، وعلى الذين يستطيعون صيامه مع المشقة، لشيخوخة أو ضعف، إذا أفطروا فعليهم فدية بقدر طعام مسكين لكل يوم، فمن زاد على القدر المذكور في الفدية فهو خير له، والصوم خير لكم من الفطر والفدية إن كنتم تعلمون ما في الصوم من أجر وفضيلة، ثم بين تعالى وقت الصيام، الأيام المعدودات التي فرضتها عليكم أيها المؤمنون هي شهر رمضان الذي ابتدأ فيه نزول القرآن حال كونه هداية للناس من اللوح المحفوظ إلى السماء الدنيا في ليلة القدر، لما فيه من إرشاد وإعجاز، وآيات واضحات تفرق بين الحق والباطل، فمن حضر منكم الشهر فليصمه، ومن كان مريضاً أو مسافراً، فأفطر فعليه صيام أيام أخر، وكرر ذكر المرض والسفر لئلا يتوهم نسخه بعموم لفظ شهود الشهر، ولزيادة التأكيد بمشروعية الرخصة، يريد الله بهذا الترخيص، التيسير عليكم لا التعسير، ولتكموا عدة شهر رمضان بقضاء ما أفطرتم، ولتحمدوا الله على ما أرشدكم إليه من معالم الدين ولتشكروا الله على فضله وإحسانه، ولعل هنا بمعنى كي.


( فهذه غاية من غايات الفريضة، أن يشعر الذين آمنوا بقيمة الهدى الذي يسره الله لهم ، وهم يجدون هذا في أنفسهم في فترة الصيام أكثر من كل فترة، وهم مكفوفو القلوب عن التفكير في المعصية، ومكفوفو الجوارح عن إتيانها، وهم شاعرون بالهدى ملموساً محسوساً. ليكبروا الله على هذه الهداية، وليشكروه على هذه النعمة، ولتفيء قلوبهم إليه بهذه الطاعة.)



البلاغة :
(
كما كتب ) : التشبيه في الفرضية لا في الكيفية، أي فرض الصيام عليكم كما فرض على الأمم قبلكم، وهذا التشبيه يسمى ( مرسلاً مجملاً ).
(
فمن كان منكم مريضاً أو على سفر ) : فيه إيجاز بالحذف، أي من كان مريضاً فأفطر أو على سفر فأفطر، فعليه قضاء أيام بعدد ما أفطر.
(
وعلى الذين يطيقونه ) : الذين يطيقونه بجهد شديد، كالشيخ الهرم والحامل والمرضع، فهم يستطيعونه لكن مع المشقة الزائدة.
(
فمن كان منكم مريضاً أو على سفر فعدة من أيام أخر ) : في الآية الكريمة إيجاز بالحذف، تقديره من كان منكم مريضاً أو مسافراً فأفطر فعليه قضاء ما أفطر بعدد الأيام التي أفطرها.



المراجع ( بتصرف ) :
1- صفوة التفاسير، الشيخ محمد علي الصابوني.
2-الإبداع البياني في القرآن الكريم، الشيخ محمد علي الصابوني.
3-التفسير الواضح الميسر، الشيخ محمد علي الصابوني.
4-تفسير الطبري، الإمام الطبري رحمه الله.
5-تفسير الجلالين، العلامة جلال الدين محمد بن أحمد المحلي و العلامة جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي.
6-تفسير القرآن العظيم، ابن كثير الدمشقي رحمه الله.
7-في ظلال القرآن، سيد قطب رحمه الله.


هناك تعليق واحد:

عبدالله البليهي . يقول...

بارك الله فيكمـ على جهودكمـ ..

وفقكمـ الله ..

:)

إرسال تعليق

Template by:
Free Blog Templates