في بيت عائشة :
لم تكن حجرة أم المؤمنين السيدة عائشة – رضي الله عنها – فاخرة
الأثاث وال مزخرفة بالنقوش , كما أنها لم تكن تحوي الأموال
والذهب , ولكنها كانت خالية من أي ترف أو بذخ أو حتى أبسط
شكل من أشكال التنعم , فقد كانت – رضي الله عنها – تحكي عن
فراشها وفراش زوجها فتقول :
(( إنما كان فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي ينام عليه
أَدَمًا , حشوه ليف )) والأدَم هو الجلد .
حتى إن النساء كنَّ يلمنَ أنفسهنّ على الحزن على أي شيء من متاع
الدنيا حين يتذكرن حال أزواج النبي صلى الله عليه وسلم .
دخلت امرأةٌ من الأنصار على أختها فوجدتها غاضبة من قلة مَال
زوجها وضيق ذات يده , وتشكو معيشتَها وعند زوجِها راحلتان
وتجارة رابحة , فقالت لها :
-اتق الله يا أختي , فوالله لقد رأيت حجرةَ السيدةِ عائشةَ أم المؤمنين
ولم يكن فيها أثاث إلا فِراشًا واحدًا لها ولرسول الله صلى الله عليه وسلم .
-ما لنا ولأمهات المؤمنين , نحن لا نقدر على ما قدرن عليه !!
-بل إِنهنّ قدوتنا , فالمرأة التي آمنت بالله ربًّا , ورضيت بالإسلام
دينًا , وبالنبي صلى الله عليه وسلم نبيًّا ورسولاً , لا ينبغي لها بحال
من الأحوال , أن تنظر لما عليه حال أهل الدنيا , من البذخ والترف
والشبع الذي يشغل الجوارح عن ذكر الله , فإن النفس إذا شبعت
بطرت , لقد دخلت ابنة عمك على عائشة أم المؤمنين – رضي الله
عنها – فرأت فراشها البسيط , فخرجت من عندها آسفة , وبعثت لها
بفراش أكثر ليونة فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عائشة
فوجده فقال لها متعجبًا :
-ما هذا يا عائشة ؟
-يا رسول الله إن فلانة من الأنصار دخلت فرأت فراشك فذهبت
فبعثت إليَّ بهذا .
-رُديه يا عائشة
.
-ولمَ يا رسول الله وقد وسّع الله علينا من فضله ؟!!
-يا عائشة , (( والله لو شئتُ لأجرى الله معي جبال الذهب والفضة
)) .
وكانت أم المؤمنين أم عبدالله – رضي الله عنها – تقول :
-(( كنتُ أنام بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجلاي في
قبلته , فإذا سجد غمزني فقبضت رجليَّ , فإذا قام بسطتهما والبيوت
يومئذ ليس لها مصابيح )) .
فلتنظر نساء اليوم كيف كانت الحجرة ضيقة إلى الحد الذي يجعلها
تنام فيغمزها رسول الله صلى الله عليه وسلم لتقبض رجلها ليكمل
صلاته صلى الله عليه وسلم .
حجرة ليس فيها تبريد ولا تدفئة , وكانت مَهْبطًا للوحي , يضيئها
الإيمان ونور الإيمان , يشتعل ويتوهج بذكر الله , ولذا كانت تلك
الغرفة سراجًا للمؤمنين , يلتمسون طريقهم إليها ليتعلموا فقه أم
المؤمنين عائشة رضي الله عنها .
أما عن طعامها فكان لا يمت للتنوع بصلة , فغذاؤها الأسودان التمر
والماء . سألها ابن أختها عبدالله بن الزبير – رضي الله عنها – عن
طعامها فقال :
ما كان طعامك يا خالة ؟
فقالت :
-يا بن أختي إنا كنا لننظر إلى الهلال ثم الهلال ثم الهلال ثلاثة أهلة
في شهرين وما أوقدت في أبيات رسول الله صلى الله عليه وسلم نار .
-يا خالة ما كن يُعيشكم ؟
-الأسودان : التمر والماء , إلا أنه قد كان لرسول الله صلى الله عليه
وسلم جيران من الأنصار , وكانت لهم صنائع , وكانوا يمنحون
رسول الله صلى الله عليه وسلم من ألبانهم فيسقينا .
يا بن أختي ’ لقد توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وما في بيتي
شيء يأكله ذو كبد إلا شطر شعير في رفٍّ لي , فأكلت منه حتى
طال عليَّ فكلته ففني .
وربما اشتد الأمر بأمهات المؤمنين فشكون لزوجهنَّ صلى الله عليه
وسلم فغضب منهنَّ حتى اعتزلهن , فأنزل الله تعالى آيات من سورة
الأحزاب يخير فيها أزواج نبيه صلى الله عليه وسلم بينه وبين متع
الحياة
: ( يا أيها النبي قل لأزواجك أن كنتنَّ تُرِدْنَ الحياة الدنيا وزينتها
فتعالين أمتعكن وأسرِّحكن سراحاً جميلاً ( 28 ) وإن كنتن تردن الله
ورسوله والدار الآخرة فإن الله أعدَّ للمحسنات منكن أجرا عظيما ) .
واختارت السيدة عائشة هذه الحياة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في
سعادة ورضا فقد دخل عليها صلى الله عليه وسلم ذات يوم قائلا :
-إني ذاكر لك أمرا فلا عليك حتى تستأمري أبويك
ثم تلا عليها الآيات السابقة ؟ فقالت :
أفي هذا أستأمر أبويَّ ؟ فإني أريد الله ورسوله والدار الآخرة .
والسيدة عائشة عاشت تلك المعيشة وهي محبة لها ما دامت الى
جوار زوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم , وطالما اشتاقت لها
بعد وفاته صلى الله عليه وسلم , عاشت حياة الإيمان بكل ما تحويه
من معانٍ , كانت تجاهد في سبيل الله , وكانت تدافع عن دينها ,
وكانت تتعلم منه صلى الله عليه وسلم كل شيء حتى لقد كان كبار
الصحابة يسألونها في أمور دينهم وأقوال نبيّهم صلى الله عليه وسلم .
يتبع...
لم تكن حجرة أم المؤمنين السيدة عائشة – رضي الله عنها – فاخرة
الأثاث وال مزخرفة بالنقوش , كما أنها لم تكن تحوي الأموال
والذهب , ولكنها كانت خالية من أي ترف أو بذخ أو حتى أبسط
شكل من أشكال التنعم , فقد كانت – رضي الله عنها – تحكي عن
فراشها وفراش زوجها فتقول :
(( إنما كان فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي ينام عليه
أَدَمًا , حشوه ليف )) والأدَم هو الجلد .
حتى إن النساء كنَّ يلمنَ أنفسهنّ على الحزن على أي شيء من متاع
الدنيا حين يتذكرن حال أزواج النبي صلى الله عليه وسلم .
دخلت امرأةٌ من الأنصار على أختها فوجدتها غاضبة من قلة مَال
زوجها وضيق ذات يده , وتشكو معيشتَها وعند زوجِها راحلتان
وتجارة رابحة , فقالت لها :
-اتق الله يا أختي , فوالله لقد رأيت حجرةَ السيدةِ عائشةَ أم المؤمنين
ولم يكن فيها أثاث إلا فِراشًا واحدًا لها ولرسول الله صلى الله عليه وسلم .
-ما لنا ولأمهات المؤمنين , نحن لا نقدر على ما قدرن عليه !!
-بل إِنهنّ قدوتنا , فالمرأة التي آمنت بالله ربًّا , ورضيت بالإسلام
دينًا , وبالنبي صلى الله عليه وسلم نبيًّا ورسولاً , لا ينبغي لها بحال
من الأحوال , أن تنظر لما عليه حال أهل الدنيا , من البذخ والترف
والشبع الذي يشغل الجوارح عن ذكر الله , فإن النفس إذا شبعت
بطرت , لقد دخلت ابنة عمك على عائشة أم المؤمنين – رضي الله
عنها – فرأت فراشها البسيط , فخرجت من عندها آسفة , وبعثت لها
بفراش أكثر ليونة فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عائشة
فوجده فقال لها متعجبًا :
-ما هذا يا عائشة ؟
-يا رسول الله إن فلانة من الأنصار دخلت فرأت فراشك فذهبت
فبعثت إليَّ بهذا .
-رُديه يا عائشة
.
-ولمَ يا رسول الله وقد وسّع الله علينا من فضله ؟!!
-يا عائشة , (( والله لو شئتُ لأجرى الله معي جبال الذهب والفضة
)) .
وكانت أم المؤمنين أم عبدالله – رضي الله عنها – تقول :
-(( كنتُ أنام بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجلاي في
قبلته , فإذا سجد غمزني فقبضت رجليَّ , فإذا قام بسطتهما والبيوت
يومئذ ليس لها مصابيح )) .
فلتنظر نساء اليوم كيف كانت الحجرة ضيقة إلى الحد الذي يجعلها
تنام فيغمزها رسول الله صلى الله عليه وسلم لتقبض رجلها ليكمل
صلاته صلى الله عليه وسلم .
حجرة ليس فيها تبريد ولا تدفئة , وكانت مَهْبطًا للوحي , يضيئها
الإيمان ونور الإيمان , يشتعل ويتوهج بذكر الله , ولذا كانت تلك
الغرفة سراجًا للمؤمنين , يلتمسون طريقهم إليها ليتعلموا فقه أم
المؤمنين عائشة رضي الله عنها .
أما عن طعامها فكان لا يمت للتنوع بصلة , فغذاؤها الأسودان التمر
والماء . سألها ابن أختها عبدالله بن الزبير – رضي الله عنها – عن
طعامها فقال :
ما كان طعامك يا خالة ؟
فقالت :
-يا بن أختي إنا كنا لننظر إلى الهلال ثم الهلال ثم الهلال ثلاثة أهلة
في شهرين وما أوقدت في أبيات رسول الله صلى الله عليه وسلم نار .
-يا خالة ما كن يُعيشكم ؟
-الأسودان : التمر والماء , إلا أنه قد كان لرسول الله صلى الله عليه
وسلم جيران من الأنصار , وكانت لهم صنائع , وكانوا يمنحون
رسول الله صلى الله عليه وسلم من ألبانهم فيسقينا .
يا بن أختي ’ لقد توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وما في بيتي
شيء يأكله ذو كبد إلا شطر شعير في رفٍّ لي , فأكلت منه حتى
طال عليَّ فكلته ففني .
وربما اشتد الأمر بأمهات المؤمنين فشكون لزوجهنَّ صلى الله عليه
وسلم فغضب منهنَّ حتى اعتزلهن , فأنزل الله تعالى آيات من سورة
الأحزاب يخير فيها أزواج نبيه صلى الله عليه وسلم بينه وبين متع
الحياة
: ( يا أيها النبي قل لأزواجك أن كنتنَّ تُرِدْنَ الحياة الدنيا وزينتها
فتعالين أمتعكن وأسرِّحكن سراحاً جميلاً ( 28 ) وإن كنتن تردن الله
ورسوله والدار الآخرة فإن الله أعدَّ للمحسنات منكن أجرا عظيما ) .
واختارت السيدة عائشة هذه الحياة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في
سعادة ورضا فقد دخل عليها صلى الله عليه وسلم ذات يوم قائلا :
-إني ذاكر لك أمرا فلا عليك حتى تستأمري أبويك
ثم تلا عليها الآيات السابقة ؟ فقالت :
أفي هذا أستأمر أبويَّ ؟ فإني أريد الله ورسوله والدار الآخرة .
والسيدة عائشة عاشت تلك المعيشة وهي محبة لها ما دامت الى
جوار زوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم , وطالما اشتاقت لها
بعد وفاته صلى الله عليه وسلم , عاشت حياة الإيمان بكل ما تحويه
من معانٍ , كانت تجاهد في سبيل الله , وكانت تدافع عن دينها ,
وكانت تتعلم منه صلى الله عليه وسلم كل شيء حتى لقد كان كبار
الصحابة يسألونها في أمور دينهم وأقوال نبيّهم صلى الله عليه وسلم .
يتبع...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق